ماذا يحدث في الشواطئ السياحية بسوسة؟
صبيحة كلّ خميس خلال الأشهر الأخيرة، تنفذ عمليات هدم وإزالة لإحداثات وبناءات، تم انشاؤها من أصحاب نزل بالمنطقة السياحية بسوسة على الملك العمومي البحري، وتبرّر السلط ذلك بعدم التزامهم بالتراتيب القانونية في التشييد والاستغلال. وقد نفّذ صباح أمس الخميس أعوان من بلدية سوسة ووكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي بالتنسيق مع وحدات الحرس البحري والشرطة البلدية عمليات إزالة لعدد من هذه المنشآت.
وأثارت قرارات الهدم جدلا وردود فعل متباينة بين مرحبين بما يعتبرونه تطبيقا للقانون على المخالفين دون استثناء وآخرين منتقدين لهذا القرار، معتبرين أنّه يستند إلى قوانين بالية ومتعسفة يجب تعديلها وفق تعبيرهم.
ويرى البعض أن هذه القرارات تضمر ''انتقاما'' من بعض الرموز يوصفون بأنّهم فوق القانون بينما يرى آخرون أنه يراد منها الإجهاز على ما تبقى من النشاط السياحي وتفوح منها غايات سياسية. أما البقية فيعتبرونها ببساطة تطبيقا للقانون دون تمييز أو خلفيات.
انتهاكات صارخة طالت شواطئ سوسة
مجدي بن غزالة مستشار ببلدية سوسة ورئيس لجنة التهيئة العمرانية سابقا أكّد أن الانتهاكات المسجلة على الملك العمومي البحري صارخة ، مضيفا أن صاحب نزل استحوذ على حوالي 10 آلاف متر مربع من الشريط الساحلي كما قام صاحب منشأة سياحية ثان بتشييد إحداثات ثقيلة فوق منشأة عسكرية ترجع للحرب العالمية الثانية وذلك في خرق واضح للقانون، وفق تصريحه.
وأكد بن غزالة أنه وقع التنبيه على هؤلاء المخالفين للقيام بالهدم التلقائي ومنحهم آجالا لذلك غير أنهم تعمدوا ربح الوقت حتى يتم إلغاء القرار وفق قوله.
وسبق أن تم تأجيل قرارات الهدم والازالة بتاريخ ماي 2021 الى ما بعد الموسم السياحي وفق بن غزالة وقد وتم إستئنافها في أكتوبر 2021.
وكشف أنّ متحوزين على الملك العمومي البحري رفعوا قضايا لدى المحكمة الادارية وقضت في جميعها لصالح بلدية سوسة .
وقال بن غزالة إن شواطئ سوسة باتت مهددة بالانجراف البحري وسيتم تركيز كاسرات أمواج على طول الشريط الساحلي في إطار مشروع ممول من ألمانيا.
من جانبه أكّد رئيس بلدية سوسة إقبال خالد أن تنفيذ قرارات الهدم والإزالة على الملك العمومي البحري في مراحلها الأخيرة مبرزا أنه تم استيفاء 90 بالمائة من عمليات الازالة ، معبرا عن أمله في استرجاع شواطئ المدينة لبريقها ونظافتها.
وأكد أن التجاوزات المرفوعة لا تقتصر فقط على إنتهاكات الملك العمومي البحري وإنما رصدت أيضا داخل عدد من النزل دون أن يقدّم المزيد من التوضيحات في هذا الشأن، فضلا عن إعتداءات صارخة بشأن نظافة أماكن في الشواطئ.
وقال إن بلدية سوسة ستطالب أصحاب النزل بمعاليم عمليات الإزالة والهدم المنفذة وفق ما ينص عليه القانون مشيرا إلى أنهم انطلقوا في عملية رفع البقايا من الصلب المنجرة عن الهدم إستعداد لاستقبال السياح والمصطافين.
وردا على الإنتقادات بشأن توقيت التنفيذ لا سيما و أن جوهرة الساحل تستعد لموسم سياحي واعد، يرى إقبال خالد إن التوقيت مناسب وفق تعبيره مضيفا أن المخالفين دفعوا نحو تعطيل عمليات التنفيذ بتعلات واهية، وفق قوله_.
وشدد محدثنا حرصه على أن تكون شواطئ سوسة مفتوحة لجميع المصطافين من سياح و تونسيين وفتح المنافذ المؤدية للشواطئ، مجددا تأكيده على دعم القطاع السياحي وجميع القطاعات الأخرى في كنف إحترام القانون.
من جهته أكد مصدر من وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي أن الوكالة بمعية بلدية سوسة يتطلعان لتحرير الملك العمومي البحري من الانتهاكات الفاحشة قصد استرجاع شواطئ سوسة لتشييد كاسرات الأمواج على طول الشريط الساحلي بهدف الحد من الانجراف البحري.
وأفاد بأنه تم تسجيل قرابة 572 مخالفة خلال الفترة الممتدة بين 2015 الى 2022. ويبلغ عدد قرارات الهدم و الازالة الممضاة من طرف رؤوساء البلديات والولاة خلال تلك الفترة 282 قرارا، حسب تصريحه.
أما المخالفات التي تم إزالتها بالقوة العامة بعد استيفاء جميع الإجراءات القانونية اللازمة فعددها 175. فيما تمت حوالي 80 مخالفة تلقائيا من قبل مرتكبيها دون أي قرار صادر بشأنها.
ويستبشر مهنيو قطاع السياحة بالجهة ببوادر إيجابية لعودة نشاطهم الى سالفه خاصة وأنه تم برمجة رحلات جوية من مختلف الأسواق التقليدية على غرار السوق البريطانية والإسبانية والايطالية والبرتغالية والسويسرية والبلجيكية. لكن ما يحدث قد يؤثر على جودة المرافق السياحية وحسن استقبالها للحرفاء وتدني الخدمات وتشوه البناءات والتهيئة في النزل في ظل عمليات الأشغال ورفع بقايا عمليات الهدم .
وفي خضم كل هذه التعقيدات تُثار تساؤلات حول إيجاد أرضية تشريعية تحافظ على الملك العمومي البحري ووجاهة الشواطئ التونسية كما تشجع في الوقت ذاته على الإستثمار الخاص في القطاع السياحي .
توثيق سيّاح عملية الإزالة تثير ردود فعل مختلفة
و قد انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مساء أمس الخميس صورا لسياح يوثقون عملية الإزالة مما أثار ردود فعل مختلفة.
ونشر سائح ألماني قضى عطلته في أحد نزل سوسة تعليقا على موقع حجز عالمي بتاريخ 4 أفريل 2022 إستغرب من خلاله القيام بعمليات الإزالة والهدم قبيل الموسم السياحي ووجود آثار صلبة وكوابل على الشاطئ.
كما تحدث السائح عن تعرضه للعض من قبل كلب سائب قرب الشاطى مما تطلب توجهه إلى المستشفى لتلقي العلاج اللازم. وبمجرد الاشعار عن الواقعة تم قنص الكلاب السائبة بمحيط النزل.
جامعة النزل تطالب بتغير القانون المتعلق بالملك العمومي البحري
كاتب عام الجامعة الجهوية للنزل بسوسة وعضو المكتب التنفيذي بوبكر بوزرارة يعتبر أن التخبط السياسي الذي تعيش على وقعه البلاد وتتالي الحكومات تسببا في عدم التوصل إلى حل بشأن إقرار قانون جديد ينهي هذا الإشكال.
وشدد بوزرارة على ضرورة تغيير قانوني 1995 و2000 المتعلقين بتحرير الملك العمومي البحري قائلا '' تم سن هذا القانون في تلك الفترة لابتزاز المؤسسات الفندقية لفائدة صندوق 26-26''
وتابع: "أغلب المخالفات المسجلة هي بناءات تم انشاؤها منذ الستينات وأول التسعينات أي قبل إنشاء وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي سنة 1995 وبذلك وجد عدد من أصحاب النزل أنفسهم في وضعية مخالفات."
واستغرب محدثنا كيف يمكن هدم بناءات واحداثات شيدت قبل هذا القانون لكنه أقر في المقابل بارتكاب أصحاب منشآت سياحية لإخلالات وتجاوزات في السنوات الماضية. وقال في هذا الخصوص: "إن صحت المخالفات كان يجب تسليط خطايا مالية ضدهم أو دراسة الوضعيات حالة بحالة قبل الشروع في عمليات الهدم."
وانتقد بوزرارة التوقيت الذي تنفذ فيه عملية الهدم لاحداثات من الصلب ومن الخفيف في عدد من النزل المخالفة استنادا لقانون تحرير الملك العمومي البحري أمام أنظار السياح خاصة ونحن على مشارف انطلاق الموسم السياحي الصيفي وسط توقعات بموسم إستثنائي على حد تعبيره .
وعبر عن إستيائه الشديد من مشهد وصفه بالمروع وثقه أثناء تنفيذ قرارات الهدم، حيث ظهر سياح بصدد تصوير العملية .
وتابع القول: " سياح آخرون اعتقدوا أن الصوت المنبعث من إحدى الآلات التي تستعمل في عمليات الهدم هو صوت رشاش مما أثار الرعب في أنفسهم".
وختم بوزرارة حديثه بتأكيد حرصه على تطبيق القانون مع ضرورة إعطاء مهلة لأصحاب النزل حتى يتسنى إيجاد حلول للمؤسسات السياحية عبر تعديل القانون الخاص بالملك العمومي البحري.
إيناس الهمامي